زائر زائر
| موضوع: في القلب دوما 5/3/2009, 16:22 | |
| بين منتصف الليل والفجر؛ ربما الواحدة أو الثانية أو الثالثة والنصف ... لا يهم الزمن ،!،
دق الباب بعُنفٍ شديد ، فهرع الجميع لرؤيةِ وقاحة الطارق فإذ بشابٍ يُخفي ملامح وجهه بحطةٍ رقطاء وأخرى منسدلة على أكتافه وقد تمرغت بترابٍ وغُبار ...للحظةٍ عم الصمت أرجاء المكان ... فسارع الشاب ؛بصوتٍ منخفض؛ بالسؤال عن مكانٍ آمن يلجأ اليه ليحتمي مِنْ القوات الاسرائيليه التي تُطارده ...
سارع الجميع باحتضانه وتوفير له مكان آمن داخل المنزل ... بعيداً عن أنظار أفراد الأسرة ... سارعت بالاقتراب منه وهمست له بصوتٍ منخفض "مِن أي زمنٍ أنتَ !؟" ... في تلكَ اللحظة بدت على ملامحه الدهشة فأجاب " مِنْ زمنٍ اغتصبت أرضنا فيه وشُرِد شعبنـا بنكبةٍ ونكسةٍ واحتلالٍ ... من زمن الثوار أنا يا ابنة دمي ووطني " ....
أنذالك لم استطع إخفاء ابتسامتي الساخرة ألمعتقه بألم ... فقلت له : أما زالت الدماء تنبض في أجسادِ الثوار !؟ أما زال الثورِّي يُوجه بُندقيته نحو مُحتلٍ ولأجلِ كرامة شعب وحُريةَ أرض !؟ فأجاب مُسرعاً ... وهل توقفت نساء فلسطين عن إنجابِ الأطفال !؟ وهل اندثرت أبجدية الوطن وهمساته المُنغمسة في جُزيئات دمائنا !؟ هل تم إلغاء أغنية "الآن صار عندي بُندقية " وموطني موطني " ... !؟ هل رُفع الظلم عن شعب فلسطين ... !؟ صرخت بحرقه ...."طبعا لا لا لا لا لاااااااااااااااااااا فقال لي : إذاً كيف لكِ أن تُلغي مسيرة نضالٍ ووجود ثوارٍ وبنادق... !؟ قلت له : وما الذي يفعله ثوار غزة يا رفيقي... !؟ يصوبون البنادق نحو صدور رفاق دربهم.. يُدنسون طريق الكرامة والحُرية التي رسمت بدماء شرفاء امتنا وشهداء وطننا ، ألم تُشاهد الجسد الفلسطيني وهو يتساقط ويلتقط أنفاسه الأخيرة !؟ ألم تُشاهد النساء والأطفال والشيوخ وهم يتوسلون لأجل أن يتراجع ذاك الثوري عن جنونه وهو يقتل أبناءهم ويعبث بممتلكاتهم ويُنكل بجثث الشهداء ... بات نضالنا لأجل منصب يا رفيقي وجُل همنا أصبح أن نبقى على قيد الحياة برفقةِ القليل مِن الخبز والماء ... والوطن !. تُرى أين الوطن من كل ما يحدث !!!؟
هُنا تغيرت نبرة صوته وهمس لي : هؤلاء ليسو بثوار بل نزعو ثوب الثائر المُتمرغ بالتراب عن أجسادهم ليستبدلوه بـثوبٍ أنيق يستر عورة أفكارهم الدنيئة ويجلسون خلف كُرسي مُهترء ليقرروا مصير شعبٍ.تلكَ فوضى تضرب كُل المنطقة وكُل الدول العربية .. أما الثائر يا ابنة وطني فلا زال موجوداً يضرب أعماق مُحتلٍ ويتربص على خطوط التماس والنضال ...سيعودون كلهم إلى صوابهم لا تحزني لأن كافة الأطراف تُحارب الريح ولن تحظى بشيء سوا بلعنةٍ تُطارد أجسادهم وأحلامهم .. لذا سيكون الوطن كفيل باحتضانهم وإعادتهم إلى درب الحُرية والنصر ...آنذاك تجدد النبض لأجل وطنٌ في أعماقي وسارعت بترديد سننعم بوطن وطن وطن وطن ...
"مُقتطف من الحديث لأحد الثوار الذين يُغادرون ولا يُعرف لهم عنوان ...مكانهم في القلب دوماً "
|
|