ثلاثية برائحة الثورة
بقلم: ابراهيم ربايعة
قد يسألونك عن فتح، اعلم أنهم لا يفقهون سيرة التاريخ وفن الرسم على جدران الزمان، قد يسألونك عن الختيار، فاعلم أنهم لا يعرفون معادن الرجال ولا مصانع ولا جواهر القادة والثوار، قد يسألونك عن فلسطين ، فاعلم أنهم لا يعيشون في فضاء الحرية والحب والأمل.
فلسطين يا أحبة ليست لوناً ولا علماً ولا مسيرة، فلسطين يا أحبة ليست إندفاعة أو استثارة أو ثورة عابرة، فلسطين يا أحبة ليست تبرعاً بثياب قديمة أو بضعة قروش تعطي الدفء لضمائركم، إنها الغالية الأم والمعلمة الكبيرة ، لن تعرفها إلا حين تعرف معنى الرومية ، لن تعرفها إلا حين تصبح خبيراً في علم رائحة التراب والعنبر والبخور ، لن تعرفها إلا حين ترى في ماء البحر مسك آلاف الشهداء، لنتعرفها إلا حين ترى الوطن في عيون عجوز رسم الزمان على وجهها خارطة بيارات البرتقال الحزين وموالد البلاد.
من هذا الحلم والأسطورة خرجت سواعد رجال قالوا للموت سحقاً وللغيمة تباً وللوطن أهلاً وسهلاً، خرجت نيران من شرارة بندقية الثائر الأول والمنتفض المقدام بلا مال ولا سند ولا عزوة، ولكن بعزة وحلم وأمل وكبرياء خرجت صرخة أبناء الولادة فلسطين لترسم بثلاثة أحرف رشيقة أسطورة العودة والقدس والدولة، اسطورة الفتح.
ولأن لكل حلم عراب ولكل انتصار مفجر ولكل فجر شمس، ولأن لكل أمة قائد ولكل إيقاع ضابط ولكل أبناء أب ، جاءت لفلسطين من حوَل الثرثرات المتناثرة لقصيدة منظومة الوزن وراقية الأنغام، جاء من جعل من الخيمة عاصمة للثورة ورمزاً للعزة ، جاء من جعل من شعب شرِد وظلم وانتكب ينهض ليحاكي ماضيه من بين رماد الألم منبعثاً كطائرة الفينيق ، انطلق ذلك الفتى المسمر بشمس القدس الدافئة ليكسب الجولة تلو الجولة والمعركة تلو المعركة ، جاء هذا الرجل ليطلق مسيرة العودة إلى القدس من بين سواعد رجال لا يملكون إلا الحلم ليصل بهم على بعد مرمى حجر من الحقيقة ، كوفية وابتسامة وشارة نصر ومسدس هي وصايا الختيار فينا لتستمر فتح تستلهم من أسطورتها الراحل درب الغد، وتستمر المسيرة